أقامت أخيرا الإدارة العامة للنشاطات الثقافية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب معرضاً تشكيلياً خلال الأسبوع الثقافي الشبابي الذي كان ضمن برامج التنشيط السياحي في محافظة الطائف وذلك في صالة المعارض بفندق بهادر بلازا شارك فيه 38 فناناً وفنانة من مختلف مناطق السعودية بأكثر من 50 عملاً تشكيلياً مثلت مختلف الاتجاهات والتجارب والرؤى.


بداية حضر الرسم بأعمال منصور المطيري الذي استخدم أقلام الرسم الملونة في تنفيذ عمله "البناء" ، ومحمد ترسن عن عمله "ظمأ"، وبالود البالود الذي ركز في عمله "بورتريه" على اللون الأحمر ولون قلم التحبير الأسود في تصويره لوجه شيخ كبير ترتسم على محياه الهيبة والوقار، وعلي الزيداني بعمله "الخيل" الذي استعمل في تنفيذه أقلام الرصاص، غير أن أميرة آل بري استعملت الألوان في عملها "من الماضي"، أما نبيل نجدي فرسم على ورق التصوير الضوئي في أسلوب عُرف به سابقاً.

ومن التجارب التي اعتمدت على تجزئة العمل إلى مجموعات متعددة عمل تغريد البقش التي قدمت عملاً تعبيرياً جعلته في4 لوحات منفصلة تصور الإنسان "بورتريه" في حالاته المختلفة: مرة نجده يبحر في أحلامه، ومرة يتأمل، ومرة يترقب في حذر، أما في اللوحة الأخيرة فجعلته في لحظة العودة نحو الذات، بينما قدم علي الصفار تجربة فريدة ومتميزة أسماها "فضاءات الروح" وجعلها في3 لوحات مفصولة عن بعضها البعض وبألوان ثلاثة يغلب عليها طابع الحزن والانكسار أو التسليم بالقدر أو ربما الخشية، وفي ظني أن الصفار أراد أن يصور الإنسان في مراحل مختلفة من عمره، بضربات فرشاة بطيئة إلى حد ما في إشارة إلى تثاقل الزمن، وبقدر الغموض الذي يغلف شخوصه إلا أننا عندما نتأملها ونغوص في داخلها نجد أنها تقترب من أرواحنا أو ربما تعكس أرواحنا لنعيش الحالة. واستعملت إيمان الجبرين خامات أخرى في عملها "تكوين" الذي يبحث في زي الرجال للتأكيد على الغائر والنافر ووضعته في3 قطع رُصت بشكل أفقي .

هناك من استعمل خامات مختلفة داخل نصه التشكيلي حيث نجد فيصل الخديدي بأسلوبه المعتاد قد استخدم نفس خاماته السابقة: أسلاك، بقايا ترانسستور، خشب، رخام، وفي هذه المرة أضاف "الكولاج" حينما أراد تصوير شخصية الرجل وهو في حالة حوار مع نفسه أو "حوار الذاكرة" كما أسماه. أما عبد الله المرزوق فمن مجموعته "قوس قزح الصحراء" نجده قد استخدم الخيش، والكرتون، والترانسستور، وربما قطع خشبية صغرة، وقام بتقسيم عمله إلى9 مساحات، جاعلاً قوس قزح الصحراء في المربع رقم8 .
ومن الأعمال التي تعتمد على "التكوين" في تنفيذها عمل إبراهيم بوقس الذي يجسد التراث الشعبي الزخرفي المعماري، بينما يعتمد عبد العزيز عاشور على التكوين الإسلامي الممزوج بالحرف العربي، أما محمد الرباط فتكوينه جميل ومتناسق وبألوان مبهجة وسارة.
الجرافيك مثله منصور الشريف بعمله "حائط الذكريات" والذي صور فيه 3 أشخاص يسيرون في اتجاه واحد مجهول، بينما ركز أحمد البار على رأس الخيل العربي معتمداً أسلوب التعددية والرص في تنفيذه، أما الأرضية فأدخل معها عناصر زخرفية إسلامية شكلتها خطوطاً متقاطعة طولية وعرضية ليقترب بذلك من أسلوب الرسم الفرعوني الذي يعتمد على الرص والتكرار في أغلب رسومه وزخارفه.

الخط العربي حضر من خلال عمل واحد فقط لناصر الميمون صور فيه البسملة.

يوسف جاها بأسلوبه المعهود الذي يمثل في اعتقادي الواقعية الجديدة رسم الطبيعة في عمله "الشاطيء الآخر" بألوان متناغمة وخطوط انسيابية ومساحات واسعة. ورغم ما يغلف عمل عبد الرحمن خضر من بساطة وتلقائية إلا أن هدوء ألوانه وخطوطه تميزه وكأننا نرى حروفاً تتراقص في إيقاع بطيء أو منازل تسبح في خيال واسع.

محمد سيام بأسلوبه القديم نجده يؤكد على الحركة في عمله "رقصة" من خلال استخدامه لألوان الباستيل الزيتية والضغط عليها في اتجاهات مختلفة تؤكد حركة الراقص وأدواته الإيقاعية. وبينما فهد خليف يصور بأسلوب واقعي التراث المعماري التقليدي في الباحة نجد عبد الله حماس يصور المباني التقليدية في عسير بما تحمله من زخارف ونقوش معتمداً على الخطوط الطولية المرصوصة بجوار بعضها البعض في تنفيذ عمله التجريدي الموضوعي. أما محمد العبلان فقدم عملاً تجريدياً متميزاً في قوة ألوانه وتأكيده على نقطة السيادة التي تؤطرها بقع حمراء اللون.

المجسمات مثلها كل من: منصور الشريف الذي ركز على اليد البشرية في منحوتة جميلة تُظهر براعته وتمكنه، وسعود الدريبي بعمله "دمج"، وأخيراً تغريد العبودي التي استعملت في تنفيذ عملها الأسلاك، والخشب بعد معالجته بمواد أكسبته شكل الحديد كل ذلك جعله يشبه خشبة المسرح في إشارة إلى مسرح الحياة المليء بالمتناقضات والمفاجآت.

التشكيل النسائي إن جاز لي التعبير حضر بقوة من خلال تكوين علا حجازي المتميز، وتجريد وسمية العشيوي، وإبداعات خديجة مقدم، وأميرة الألحان لـ زهراء البناي، وأعمال بدرية الناصر بألوانها وطريقة أدائها المعروفة، وفوزية عبد اللطيف التي شاركت بعمل يصور فتاة تصب القهوة أسمته "من التراث"، وهدى العمر من خلال عملها التعبيري "آفة العصر" ،ورحلة صيد لـ رقية الحلال، وبحر الندى لـ أماني الدريهم، غير أن ليلى صليل قدمت عملاً سريالياً متميزاً صورت فيه رأساً متهشماً يخرج منه سائل أزرق اللون يشبه أرجل الإخطبوط ويتجه بنظره إلى الأسفل وكأنه يبث سمومه على وجه فتاة حزينة ظلت صامدة رغم النهاية المأساوية لمن حولها، هذا الوجه جعلته في وسط اللوحة كمركز للنظر بينما تحيط باللوحة مجموعة من الجماجم المتهالكة تسير نحو المركز وأخرى ترقب الحالة.

كاتب المقال : الفنان التشكيلي والكاتب الصحفي علي مرزوق
من جريدة الوطن
وتقبلوا تحياتي